الوساطة المالية
ماهية الوساطة المالية :
توسع مصطلح الوساطة المالية حيث في القديم كان يعبر عن جمع الودائع وتوزيعها على المتعاملين الاقتصاديين، لكنه تطور واتسع إلى تحويل وسائل الدفع الجامدة و الكتابية إلى سائلة ،في إطار السعي الدائم إلى تلبية حاجاتهم وتحقيق أهدافهم .
فالوساطة المالية هي تلك الهيئات التي تسمح بتحويل علاقة التمويل المباشر بين المقرضين و المقترضين المحتملين إلى علاقة غير مباشرة، فهي تخلق قناة جديدة تمر عبرها الأموال من أصحاب الفائض المالي إلى أصحاب العجز المالي ،و بهذه الطريقة تصل بين طرفين متناقضين في أوضاعهما و أهدافهما المستقبلية .
آليات الوساطة المالية (الوساطة البنكية) :
1- الحسابات:
يمكن تعريف الحسابات من الناحية المجردة انه عبارة عن رمز (رقم ) تقترن به معظم العماليات المالية لصاحبه في علاقته مع البنك ،إما من الناحية العملية و القانونية عبارة عن معاهدة أو اتفاق بين البنك الذي يفتحه و الشخص الذي يفتح له و تتمثل العمليات التي يمكن لصاحب الحساب إجراءها :
-عملية الإيداع (Versement) : تغذية الحساب بأموال توضع في البنك لتزيد في رصيد حساب الزبون .
-عملية السحب (: (Retrait عبارة عن جمع الاقتطاعات التي يقوم بها الشخص من حسابه آو لفائدة شخص أخر (chèque porteur ) و تنقص هذه العملية من رصيد الحساب.
-عملية التحويل : (Transfert) تتمثل هذه العملية في نقل الأموال من حساب إلى أخر داخل نفس البنك أو بين حسابين مفتوحين في بنكين مختلفين و تتجسد هذه العملية باقتطاع مبلغ معين من حساب المدين و إضافته إلى حساب الدائن و تتم هذه العملية بما يسمى الشيك مسطر (chèque barré) آو ما يسمى بأمر التحويل.
ا- الوساطة المالية بالنسبة لنفس التوطين البنكي:
طلب تحويل الشيك إلى سيولة
عون اقتصادي (ا) قبول الدفع البنك(A)
إرسال شيك حساب (ب)
نقص حساب( ب)] دائن [
عون اقتصادي (ب)
ب- في حالة وجود توطنين مختلفين:
طلب تحويل الشيك إلى سيولة
عون اقتصادي (ا) قبول الدفع البنك (A)
إرسال شيك حساب (ا) تحويل
الشيك إلى
سيولة
عون اقتصادي (ب)
نقص حساب( ب)] دائن [ البنك (B)
حساب (ب)
2- الودائع البنكية:
يمكن تعريف الوديعة على أنها تمثل كل ما يقوم الأفراد والهيئات بصفة مؤقتة قصيرة أو طويلة على سبيل الحفظ آو التوظيف، تتجسد هذه في غالب الأحيان على شكل نقود قانونية، و البعد الزمني للوديعة مهم للغاية.حيث يوجد فاصل زمني بين لحظة الإيداع ولحظة السحب فهو يسمح بتحديد مردودية الوديعة بالنسبة إلى المودع، و بالنسبة للبنك يمكن تقدير مدى التوظيفات اللازمة لهذه الأموال .
أنواعها:- ودائع جارية (Dépôts Courants ): التصرف المطلق لصاحبها، لا توجد فوائد.
-ودائع الأجل –التوظيفات .
أنواع الوسطاء الماليون:
1-الوسطاء النقديون :
ا-البنك المركزي: هو المؤسسة التي تتكلف بإصدار وخلق النقود بفعل القانون و السلطة في كل دولة ،و هو المؤسسة التي تترأس النظام النقدي و التحكم في البنوك ،حيث تعود إليه عند احتياج السيولة ،فهو يقوم بإعادة التمويل عند الضرورة كما يقوم بتسبيقات ضرورية للحكومة .
مهمة البنك المركزي
خلق النقود [créer la monnaie] التمويل (السيولة)[assurer les paiements]
ب-البنوك التجارية: مهمتها الأساسية هي تلقي الودائع من الأعوان الاقتصاديين،و كذلك لها القدرة على إنشاء نوع خاص من النقود هي النقود الكتابية ،نقود الودائع .كذلك القيام بمنح القروض سواء كانت طويلة أو قصيرة أو متوسطة الأجل، لا تعتمد هذه البنوك على رؤوس أموالها و إنما تعتمد على المتلقاة من الغير على شكل ودائع.
2-الوسطاء الغير نقديون :
إن وصف هذه المؤسسات بأنها غير نقدية لا يعني أنها لا تستعمل النقود ،لكن لكون طبيعة مواردها لا تسمح لها بإنشاء النقود على خلاف المؤسسات المالية النقدية ، لا يمكن لهذه البنوك أن تحصل على ودائع جارية و هذا هو السبب في عدم قدرتها على إنشاء نقود الودائع ،و عليه فان الجزء الأكبر من مواردها من أموالها الخاصة، كما تمنح قروض متوسطة و طويلة الأجل بالإضافة إلى التوظيفات المالية .
أهداف الوساطة المالية وأهميتها:
ترتكز على هدف الربحية وتعظيم ثروة الملاك ،هو الهدف الذي يجب أن يسعى المدير و هذه المؤسسات إلى تحقيقه كذلك ،تتمثل الوظيفة الأساسية للوسطاء الماليون في تحويل الأصول ،وذلك من خلال إصدارهم لأوراق مالية أكثر جاذبية للأفراد المدخرين مقارنة بالمالية التي تصدر مباشرة عن طريق الشركات،حيث يقوم هؤلاء الوسطاء بشراء أوراق مالية كذلك جلب وجمع المدخرات من أصحاب رؤوس الأموال و إعادة توزيعها إلى من هم بحاجة إليها.
كذلك تمويل الاستثمارات وتشجيعها إحدى أهم الأهداف التي تسعى الوساطة المالية لتحقيقها وذلك من خلال إعادة توزيع عوائد الاستثمار.
الوساطة المالية الإسلامية :
هي عبارة الوساطة المالية التي تركز وتستمد قواعدها من الدين الإسلامي،بحيث ميكانيز عملها يتركز على قواعد مسطرة ومحددة من طرف الشريعة و فقهاء الأمة .
هذه الوساطة بسيطة في مفهومها، تعتمد على تقسيم الربح و الخسارة والتنسيق بين الشركاء بكل شفافية، و ذلك لقيادة نجاح المشروع الاقتصادي لصالح الأمة.
أضحت مسألة التمويل بالأسلوب الإسلامي عبر البنوك الإسلامية أو النوافذ الشرعية في البنوك التقليدية، ظاهرة تستقطب اهتماما واسع النطاق على أكثر من صعيد وخاصة على الصعيد الدولي حيث تأكدت الحاجة إلى نظام بديل وآليات جديدة لتصحيح الإخلال المتفاقم للنظام الرأسمالي المترهل الذي يشهد اضطرابات تتسع أخطارها يوما بعد يوم،لعل أكثرها خطورة وكارثية ما أصبح يهدد العالم من أزمة غذائية واسعة النطاق تنذر بعواقب وخيمة على مستقبل البشرية برمتها .
ويعود هذا الاهتمام العالمي الواسع بظاهرة الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية لما حققته من نجاحات متسارعة باعتبارها إحدى الآليات الجديدة التي تتميز بأكثر ديناميكية وكفاءة وفعالية بالإضافة إلى جانب الربحية والمرد ودية الذي يعود إلى طبيعة الاستثمارات الحقيقية التي توفرها هذه البنوك مقابل المضاربات الوهمية التي تطغى على نشاطات البنوك والمصارف التقليدية.
والملفت للانتباه في هذا الصدد، أن الإقبال المتزايد على النظام المالي الإسلامي ومنتجات البنوك الإسلامية لم يعد حكرا على البلدان الإسلامية الصاعدة في جنوب شرق آسيا بوجه خاص والخليجية تحديدا التي تشهد طفرة نفطية متواصلة بل سجل هذا الإقبال نموا هائلا في الغرب تقوم عليه مؤسسات وبنوك غربية ذات مصداقية من الوزن الكبير في إطار الحرص على التكيف مع الظواهر والتطورات واستيعاب المستجدات.
إن إدراك الفرق الهام بين التمويل بالطريقة الإسلامية والطريقة الرأسمالية التقليدية المعمول بها حاليا أي الفرق بين البنك الإسلامي أو الذي يتعامل طبقا لتعاليم الشريعة الإسلامية والبنك التقليدي الربوي، من شانه استكشاف العوامل التي تقف وراء هذا النجاح الهائل الذي حققته البنوك الإسلامية في ظرف وجيز من الزمن وأدى إلى انتشار التجربة عالميا على نطاق واسع وتنافس بريطاني وأمريكي وأوروبي وياباني ملحوظ على احتضانها واستثمار عوائدها.
ويتمثل هذا الفرق باختصار شديد في سمتين أساسيتين :
ـ المشاركة في تحمل المخاطر مقابل الاقتصار على الحصول على الفائدة أي الاعتماد على معدل الفائدة(الربا) كمحرك أساسي للاقتصاد من قبل البنك التقليدي والعمل على إلغاء الربا كليا من التعامل بالنسبة للبنك الإسلامي أو الذي يتعامل بالطريقة الإسلامية.
ـ الصفة التجارية للبنك الإسلامي الذي يتصرف بصفته تاجرا لا وسيطا بين المدخرين والمستثمرين.وبالتالي يكون حرصه اشد على النجاعة والمردودية عند المشاركة والتمويل.
لذلك يوجد اليوم ما يزيد عن 300 بنك ومؤسسة إسلامية تتعامل وفق أحكام الشريعة في أكثر من 80 بلد في العالم، وتدير ما بين 500 و 800 مليار دولار وتستقطب اهتمام العديد من البنوك التقليدية الكبرى ،حيث اضطرت هذه البنوك أمام النتائج الباهرة التي حققتها البنوك الإسلامية، إلى مواكبة التيار وامتطاء القطار والسعي إلى مسك مقوده والتحكم في مسيرته!
للأمانة منقول من منتدى آخر
_________________